الغصن
الورقة البيضاء هذه التي نسكب عليها ذاتنا وأحلامنا ونرسم وجوهنا بلا ألوان مشاغبة ونرسم مركب سفر بعيد.
كانت بالأمس غصن اخضر نسكب تحته ظلال أغنيات طفولتنا، ونرسم ظلال أحلامنا وأنفاسنا المسافرة.
الغصن الأخضر كان يحمل بين اكفه اللازوردية عش سنونو عاشق لغيمة ونسمة،
الآن أصبح ورقة تحمل بين اكفها دموع ماضينا وابتسامات أمسنا وأمنيات غدنا .
الغصن كان أرجوحة مرمر لعصفورة تبحث عن موطن عشق جديد، تسرح فيه أغنياتها ورفرفة أجنحتها، اليوم أصبح ورقة بيضاء تخط عليها أصابعنا عصفورة من أعماقنا هربت لتبحث عن موطن عشق، بين حطام المباني، وحطام الملامح، وحطام الخطوات.
الغصن كان نايا يسطر أفراحنا ألحانا" عند عتبات الغروب وعلى صخور صحوتنا.
اليوم تحول ورقة نرسم عليها نايا" لكنه فارغ من الألحان فنرسم دمعة عند الغروب على مروج صحوتنا الفارغة.
الغصن كان بالأمس يحضن زهرة روحنا ،فتفوح أفكارنا زنبقا" وبنفسج وحبق وتضيء دروب ذاتنا التي صهرها العتم وتنسج برجا من حقيقتنا ليتكسر الضوء نجوما" .
الآن أصبح ورقة نرسم عليها زهرة صامتة ذابلة الملامح وبلا عطر هي.ألوانها أثواب ماضينا نلبسها إياها لنعيد تشكيل نفسنا من خلالها ونعود نحن من جديد.
ولكن يا ليت كل الأوراق بقيت أغصانا" لتحمي حياتنا ،لتبقى أنفاسنا شابة ترقص بين الغابات وتتأرجح بين السحاب.
ولكن إذا بقي الغصن غصنا"اخضر كيف سنستعيد همساتنا من أعماق البحر ،وكيف سنعلق أصدافنا في صحراء الماضي ،وكيف سنزين دروب غدنا بأحلام أمسنا.
فيا ليتنا نستطيع كلما مزقنا غصنا" اخضر ونسجنا ورقة، أن نزرع غصنا" جديدا" ليحمل عشا" وحلما" وفجرا" يحمينا من الضباب.