قصيدة ثمر للشاعر حازم النجم (قراءة في التشكيل الموسيقي)

قصيدة ثمر للشاعر حازم النجم( قراءة في التشكيل الموسيقي)

لا نــويـــت اذكـر تــواريخ القــلـب أوّل ذكـرتـك
/0//0/0/0//0/0/0// 0/0/0//0/0
ياربيع الفـَدفـَد اللــي ما عَـرَف غــيرك ســحابه
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
يـا حـنين الـروح انا في مجمر اشواقي صهرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
عَـــبرةٍ فــاحت جـنـون وْمـــا بـعـد يرجـع صوابه
/0//0/0/0//0//0//0/0/0//0/0
لو نكرت النفــس والخــافـوق لا تحســب نكرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
عـــاد انــا عمري بلــيّا بســمتك ضاع الرجـا به
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
يــا مطــر ذكــراي احـبّـك وِبْــشـرايـيني نثـرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
أعـبُــق بْــكـلّ العــطور اللـي وَلا غــيرك لفى به
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
بين الاهداب وحَدَق عيني وصفا روحي سَترتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
مــثل ما يســـتر كـلام الناس عــشــق ٍ ينحكى به
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
يـا حــكـاوي رحــلة العمر الــذي فـيه انتظرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
مع دقـايق ســاعة ٍ ضَــيّــق على الـخــافوق نابه
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
لا تــقــل قــلبي صخر لــكن على قــلبي حفرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
إسمك وْرسمك وروحك والاحساس اللي ثوى به
/0///0//0//0//0/0/0/0//0/0



يا شـــَكول الياسَــمين اللي بْـجعد حبّي ضفرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
حـُـبّك وْطــبع الشـــجر صنوين مــا فيهم غرابه
/0///0/0//0/0/0//0/0/0//0/0

جيتك بْــقيض السـوالف واستظلـّيت بشجرتـك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
راكيـاً ضـلعي على جـَـذع ٍ يعـز اللي هـقـا به
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
مشربي وزادي وعشم قلبي على عطوة ثمرتك
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0
يرتوي منهــا النظر والاّ تـرى ما ينســخى به
/0//0/0/0//0/0/0//0/0/0//0/0

1- مقدمة:

بداية لا بد من مجموعة من التوضيحات تتعلق بهذه الدراسة, لقد اخترت هذه القصيدة كأول قصيدة تدرس دراسة نقدية لعدة أسباب أهمها ان القصيدة هي الاولى في شعر الجبل التي تقال على هذا الوزن فعلى حد علمي ومعرفتي لم اقرأ او اسمع في شعر الجبل قصيدة على هذا الوزن قبلها وهو وزن جميل مليء بالموسيقا وبالمناسبة هذا الوزن لا يقابله أي بحر من بحور الخليل وهو شائع في اشعار الجزيرة العربية .
- كلمة جواز في التفعيلة لا تعني ابدا ان التفعيلة مكسورة بل تعني ان تعديلا طرأ على التفعيلة غير في تتالي الصائت والصامت فيها دون المس في ايقاعها العام
- النبر هو الحرف الثاني من الكلمة ,اما الارتكاز فهو المقطع الصوتي الطويل بين آخر ساكنين في التفعيلة الواحدة
- المقطع الصوتي القصير هو المؤلف من متحرك وساكن فقط اما المقطع الطويل فهومؤلف من اكثر من متحرك وساكن واحد فقط والمقطع الطويل جدافهو مؤلف من اكثر من متحرك وساكنين معا وهذا وارد في اللغة العربية فقط في الوقوف على ساكن حين يكون الحرف ما قبل الاخير ساكنا ايضا مثل سعيد. الياء ساكنة ووقفنا على حرف الدال فسكناها
- اما الركوز فهو في التفعيلة المفردة المتحركين في المقطع الطويل وهو يخص التفعيلة وجوازاتها فيمكن للشاعر ان يقوم بتعديل التفعيلة كاملة شرط الا يفرق بين هذين المتحركين بساكن طبعا التعديل ضمن الجوازات الجائزة
- القافية هي اخرمقطع صوتي بين اخر ساكنين في البيت وهنا لدينا قافيتين للشطر الاول والثاني وبالتالي القافية هي اكثر من حرف قد تصل الى اربعة حروف او حتى اكثر اما ما هو معروف عن القافية بالتسمية الشعبية فهو حرف الروي وليس القافية فالقصائد تسمى بحروف رويها فنقول مثلا هائية حازم النجم أي هذه القصيدة التي بين ايدينا والتي حرف رويها الهاءوالقافية في هذه القصيدة هي في البيت الاول ذكرت في الشطر الاول وسحاب للشطر الثاني لنلاحظ انها تألفت من اربع حركات هي متحرك متحرك ساكن متحرك والقافية هي المقطع الصوتي الوحيد الذي على الشاعر ان يلتزم به من بداية القصيدة حتى نهايتها فلا يجوز له ابدا ان يخل بتتالي الصائت والصامت في هذا المقطع من البداية وحتى نهاية القصيدة .

بقي ان نقول انني قطعت القصيدة على هذه الطريقة لانها هي المعروفةوفي المرات القادمة ان شاء الله سأعتمد طريقة اخرى ارى انها مجدية اكثر من هذه الطريقة فهي لا تعتمد على المتحرك ساكن انما تعتمد على المقطع الصوتي قصير طويل طويل جدا وهكذا....وهذا يساعدنا اكثر في عملية تقصي النبر والارتكاز ودلالتهما . كما انني تعمدت الابتعاد عن الطرق الكلاسيكية في تناول القصائد كالبحث البياني او البلاغي واعتمدت فقط البحث في الايقاع والتشكيل الموسيقي لانني ارى انهما العنصر الاهم في الابداع

2- لقد جائت القصيدة على تفعيلة فاعلاتن وتكررت اربع مرات في الشطر الواحد , هذه التفعيلة هي من اجمل تفاعيل الشعر العربي طويلة تتسع لمساحة تعبير واسعة ويمكن لها ان تتحمل مانترا ( طاقة موسيقا المقطع الصوتي)غنية جدا وجائت فاعلاتن كاملة وسليمة في كامل القصيدة عدا خمس مواقع طرأعليها جواز اعطاها مزيدا من الغنى الموسيقي سنتعرض لهذه المواقع بمرورنا على ابياتها . ان اختيار الشاعر لهذا الوزن وتكرار الايقاع اربع مرات متتالية في الشطر اضفى على مساحة التفعيلة مساحة اوسع فجعل امامه متسع كاف لاستيعاب عواطفه الجياشة فجائت تعابيره سلسة عذبة وواضحة لم يحتج لا الى الاختصار المسيء ولا الى التكثيف المنفر انما كانت القصيدة موزونة بميزان مشاعره فكان الايقاع مترافقا مع تأجج العاطفة وانخفاضها.
في البيت الاول توافق النبر والارتكاز في سبع مواقع وهذا نادر الحدوث ,يتوافق النبر والارتكاز عادة مرتين او ثلاث في البيت الواحد لا اكثر وهذا يدل على مصداقية عاطفية عالية عند الشاعر وكأنه يريد ان لا يدع مجالا للشك في عواطفه من اول القصيدة خصوصا اذا دققنا على هذه المواقع , واو نويت , واو تواريخ , قاف القلب , كاف ذكرتك , باء ربيع , راء عرف , حاء سحابة .للاختصار وكي لا اطيل على القارئ الكريم ساتوقف عند اربع كلمات فقط هي اول كل شطر وآخره .
واو نويت : النية هي دوما موضع شك وتجاذب بين صدقها و عدم صدقها , كيف تصرف الشاعر لينفي الشك من نفوسنا ويجعلنا امام خيار واحد فقط هو التصديق والتسليم بصدق مايقول , لقد صدر الجملة بحرف شرط ولا هنا حرف شرط يحمل معنى اذا حينا ومعنى لو حينا آخر وكما هو معلوم الجملة الشرطية هي انشائية وليست خبرية وبالتالي لا تحتمل التكذيب والتصديق ثم جعل النبر والارتكاز يتوافقان في فعل نويت فدعم المعنى البلاغي بايقاع موسيقي حسم فيه صدق ما يقول لقد توافقت الدلالة البلاغية مع الدلالة الموسيقية لتجعل من البيت الاول مقدمة لقصيدة تدخل الى قلوبنا دون استئذان.
الواو حرف علة لين يمكن لنا ان نمده اثناء اللفظ الى حيث نريد , لكن في هذا الموقع لا يمكننا الا الالتزام بالوحدة الزمنية التي نقرأ كامل القصيدة عليها فالنبر جعل منه حرفا غير لين بالتالي اعطاه قوة الحرف الصحيح الواضح البين وهذه القوة هي التي منحت كلمة نويت الوضوح والمصداقية ولانها وقعت في مطلع القصيدة طبعت كامل القصيدة بطابع الصدق كما سنرى

كاف ذكرتك : هي الحرف الثاني من الكلمة ( حرف النبر) والحرف الثاني من القافية ( المتحرك الثاني ) وهي من اشد حروف الاظهار وضوحا , بالمناسبة قد تكون اللغة العربية الوحيدة التي قسمت حروفها الى حروف اظهار واخفاء وادغام وقلقلة ومد هذا التقسيم ليس عبثي انه تقسيم موسيقي اولا يتعلق بمخارج الحروف وايقاعها ومدى لينها وقدرتها الصوتية والتقسيم جاء نتيجة دراسات قرآنية مهمة جدا على صعيد موسيقى اللغة والمانترا القرآنية وهذا التقسيم كان من اهم اسباب ظهور التجويد القرآني , ليس هذا مجال بحثنا لكن من المهم القول ان هذا التقسيم جاء ليحافظ على الطاقة الصوتية والروحية الموجودة في القرآن .
وتكرر الحرف في نفس الكلمة مرتين مرة ليكون حرف نبر وارتكاز ومرة ليكون حرف روي وبمناسبة الحديث عن حرف الروي وكي لا نعود اليه ثانية من المهم ان نوضح انه في الشطر الاول هو كاف المخاطب على كامل القصيدة وفي الشطر الثاني هو هاء الغائب في كامل القصيدة عدى البيت الاول والبيت السابع فهاء سحابة هي تاء مربوطة مخففة او ساكنة وكذلك هاء غرابة ومابين المخاطب والغائب تناقض كان واضحا على طول القصيدة اضفى عليها حركة ايقاعية جميلة لقد دلت كاف المخاطب على الحبيبة وهذه دلالة على حضورها الدائم على مدى القصيدة ودلت هاء الغائب على عنصر ثالث غير الشاعر وحبيبته , عنصر كان دوره وسيطا اتكأ الشاعر عليه لاكمال المعنى وتحميله الدفقة العاطفية التي يريد اصالها لنا . الهاءحرف اخفاء وكأن الشاعر لا يريد لهذا الوسيط ان يظهر انما المقصود اظهار وظيفته في اتمام المعنى على حين الكاف حرف اظهار توافق عليه النبر والارتكاز ليعطيه مزيدا من الاظهار وليشدد على المقصود من كلمة ذكرتك فلم يدع امامنا مجالا للشك بانها حبه الاول .
باء ربيع : للربيع دلالات كثيرة اهمها برأيي انه بداية حياة ودورة حياة جديدة والمقصود بالربيع هنا هو حبه الاول والفدفد هو الشاعر او قلبه او روحه لا فرق , والسحابة هي حبيبته , تشكل لدينا صورة بيانية ولا اروع , جرت العادة ان تكون الاستعارات مكونة من عنصرين مشبه ومشبه به يغيب احدهما فتكون الاستعارة اما مكنية او تصريحية اما هنا فلدينا ثلاث عناصر تم الربط بينها بصورة بديعة فهو وروحه وقلبه كان هذا القفر الواسع ( الفدفد ) وحبه ومشاعره كان ربيع هذا الفدفد وجاءت حبيبته لتكون السحابة التي تضفي على الربيع مزيدا من الخير وقوة الحياة والطهر ايضا. وقد سيقت هذه الصورة للتأكيد على انها ليست فقط حبه الاول كما اكد في الشطر الاول انما هي الوحيد (ما عرف غيرك سحابة ) وبذلك يكون قد ادخلنا معه الى القصيدة ونحن متيقنين تماما من صدق مشاعره . ان توافق النبر والارتكاز على حرف الباء والباء حرف اقلاب , له كبير الدلالة على اظهار طبيعة حبه لمحبوبته وكأنه يؤكد ان حبه عاصفا حينا وحارا حينا وباردا ومشمسا وماطرا لكنه دوما هو البداية
حاء سحابة : السحابة هي الغيمة غير الماطرة وصاحبة المرور السريع فنقول سحابة صيف كناية عن سرعة مرورها لكنها في الربيع قد تجلب معها امطارا رعدية غزيرة جدا , وانا ارى ان هذا هو المقصود فهي الغيمة الخيرة غزيرة المطر التي تروي عطش الربيع وتغسل خضرته ليصبح ربيعا زاهيا منتشيا بالحياة والخضرة والطهارة , والحاء حرف حلقي يحتاج الى جهد اضافي في اللفظ حتى ان بعض الشعوب لا تستطيع لفظه اطلاقا وتوافق النبر والارتكاز عليه يدل على ان الشاعر عانى جاهدا في الحفاظ على حبه وربيع حبه رغم القفر الواسع وطالت معاناته حتى اتاه الخير وصاحب الخير وامده بأسباب الحياة من جديد .
اسمحوا لي ان اتوقف هنا حفاظا على وقت القارئ الكريم فلا اريد ان احمله عناء القراءة المطولة على ان اتابع هذه الدراسة على اكثر من مرحلة وبعد فترة ليست طويلة .

السلام عليكم ...ان ما تقدمت به اخي ابو تيم .أروع من قصيده و أنا شخصياً لم أكن متوقع هذا الكم الهائل من الثقافه الشعريه .اما بالنسبه لموضوع الشاعر حازم..... صديقي اطرح موضوعك بلا ريبٍ ولا تردد .فنحن بلإنتظار....تقبلوا مروري ..اخوكم مراد مراد ..من فنزويلا

أبو تيم بدنا قصيدي لا تبخل علينا ......

[size=24]*size]

شكرا" لكم جميعا
الاخ حازم : اهم ما يلفت نظري بمداخلاتك هو التواضع الكريم وان دل على شيء فيدل على الثقة العالية بالنفس اشكرك
مراد : لا تخجل باسمك يا اخي اسم مراد اجمل واكبر بكثير من الساهر لك مودتي
جواد : لا ادري ان كان الشكر يكفي
ابو بحر : شكرا لمرورك الذي اغنى الموضوع انا معجب بما تقدم فلا تحرمنا من ابداعاتك
ابو محمد عقيد القوم : شكرا لكل الجهود التي تبذلها في سبيل هذا المنتدى
اعتذر من الجميع لتأخري بتتمة الدراسة وذلك بداعي السفر والعمل , الدراسة جاهزة لكن الوقت لا يساعدني لنقلها على الموقع قريبا سيكون ذلك ان شاء الله

رائع...رائع ما قدّمت...

وليس غريب عليك..إذ انك تربيت وترعرعت بمدرسة والدكم الشاعر الكبير..العم ابو ايمن كمال مراد....كل التحيه والإحترام..

اشكر ك على المجهود الكبير..ودقت الشرح..

حيّاكم الله ودمتم سالمين...................
....................
اخوك حسام

ابو هجران الغالي : المدرسة التي علمتني هي مدرسة ام الرمان , اعتز بكم واعتبر نفسي محظوظا لانكم خوالي . اشكرك