قضية بلد

إن لم تكن »قضية بلد« فلن يكون أي نجاح لمنتخبنا!



نتفرّج على مباريات كأس العالم ونتحسّر..


نتعاطف مع منتخب عربي شقيق ومع منتخب آسيوي صديق أو مع منتخب إفريقي كان إلى وقت قريب في ظروف تشبه ظروفنا، ونبحث بين هذه التعاطفات عن مجرّد الحلم بوصول سوري إلى نهائيات كأس العالم لنبدّل كل الأعلام المرفرفة حالياً على شرفات المنازل بعلم وحيد هو الأحلى والأغلى..


لن نقيم مرثيّةً، والانتقال من حال إلى حال يكون بالأفعال لا بالأمنيات والأقوال، ومنتخباتنا الوطنية لن تحقق الحضور الذي يرضي غرورنا إلا إذا تحوّل كلّ منها إلى »قضية بلد« يُسأل عنها كلّ شخص حسب موقعه ومسؤوليته وقدرته على لعب الدور الإيجابي المطلوب..


البعض يعتقد حالياً أن الكرة السورية على أعتاب الدخول في عصر استثنائي جميل من خلال ثلاثة منتخبات ستتواجد في النهائيات الآسيوية للفئات الثلاث خلال أقل من ثلاثة أشهر، ونقبل هذا الكلام نظرياً، بل ويجب ألا تبتعد النظرة عن هذا التفاؤل ولكن إن خلد أصحاب القرار الرياضي إلى وردية هذا الحلم فلن يفتحوا أعينهم قبل ضياعه وهذا ما نخشاه ونحسب له ألف حساب..


المسافة الزمنية الفاصلة بيننا وبين النهائيات الآسيوية المقررة في الدوحة مطلع العام القادم تزيد على الستة أشهر قليلاً ولكن لن تكون كل هذه المدة للمنتخب و»العجقة« التي قد يجد منتخبنا نفسه فيها والخوف هنا أن يكون المنتخب هو الحلقة الأضعف وأن تأتي الحلول على حسابه وعندها قد نخسر على اتجاهين: الأول عدم تحضير المنتخب بالشكل الجيّد، والثاني إعطاء الذريعة للجهاز الفني للاختباء وراء الظروف في تبرير نتائج غير جيدة قد تحضر، ومع معرفتنا العميقة بما يجول بتفكير هذا الجهاز الفني ومدى ثقته بقدرات لاعبي منتخبنا الوطني لكن لماذا »ننام بين القبور«؟


؟ يا سبحان الله كم تأتي الصدف متشابهة!


هل يذكر أحدكم كم مرة أصيب فيها الحارس كاوا حسو عند دعوته للمنتخب الوطني، وكم مرة قبل بها الجهاز الفني للمنتخب الوطني اعتذاره ومن ثم عاد لدعوته مجدداً؟


يقول الخبر إن الحارس كاوا حسو حضر إلى معسكر المنتخب وبيده تقرير طبي ويطلب الاعتذار عن تلبية دعوة المنتخب!


عندما اعتذر لاعب الكرامة أنس الخوجة قبل سنوات بحجة وجود امتحانات جامعية له فضحنا أمره وأثبتنا بكل الدلائل عدم وجود امتحانات وأن الاعتذار كان من أجل مرافقة فريق الكرامة إلى معسكر في مصر..


وعندما كرر لاعب الوثبة علي غليوم اعتذاره أكثر من مرة بداعي الإصابة سردنا قصة الراعي والذئب، وكيف لم يعد أحد في القرية يصدّق الراعي لكثرة ما ادعى بهجوم الذئب على قطيعه، فكان أن تخلى عنه أهل القرية عندما هجم الذئب فعلاً على القطيع..


وها نحن للمرة الرابعة على ما أعتقد نتحدث عن عدم القناعة باعتذار كاوا حسو عن تلبية دعوة المنتخب الوطني، والمؤسف أننا نقبل الاعتذار دون أي إجراء في كل مرة!


قد تكون إصابة الحسو هذه المرة صحيحة ونعرف أن الحارس الاحتياطي في فريق الجيش هو من أكمل مشوار الدوري مع فريقه، ولكن هنا سأتحدث عن ثوابت وعن عمل صحيح بدأت أخشى على المنتخب الوطني من غيابه..


أليس في المنتخب الوطني جهاز طبي موثوق؟


ألا يفترض أن يأتي أي لاعب مدعو للمنتخب ويخضع للفحص الطبي في المنتخب وطبيب المنتخب هو من يقرر إمكانية تدريب هذا اللاعب من عدمها؟


ألا يفترض أن يعاقب من يدّعي الإصابة من أجل التهرّب من المنتخب الوطني؟


لو كنتُ مدرباً للمنتخب الوطني لا أدعو أي لاعب ليست لديه الرغبة بتمثيل المنتخب الوطني ولكن لا أسمح لهذا اللاعب بالضحك على المنتخب بادعاء الإصابة، بل أصرّح بعدم رغبته باللعب وأترك القرار بشأنه لاتحاد الكرة..


على طريق الدوحة


سئلتُ كثيراً: ماذا سيفعل منتخبنا أمام اليابان المتألق مونديالياً والواصل للدور الثاني منه بتفوق وعن جدارة؟ وكنت أردّ دائماً: كلما ازداد تألق اليابان كلما ازداد تفاؤلي بمنتخبنا الوطني في النهائيات الآسيوية القادمة لأنني أعرف منتخبنا جيداً وأعرف كم يجيد أمام المنتخبات القوية وكم يضعف أمام المنتخبات المتواضعة ومن لديه ذاكرة طيّبة فليعد تقليب ما فيها من ذكريات كروية..


قد يصفني بعضكم بالجنون ولكن ومن كل قلبي أتمنى أن يكون المنتخب الرابع في مجموعتنا الآسيوية هو منتخب كوريا الجنوبية بدل الأردن الشقيق لأعرف على وجه التحديد أين تقف كرتنا على الخارطة الآسيوية؟


هل هناك أي منتخب أفضل من اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية في آسيا؟


أجدد أمنيتي بوجود هذه المنتخبات في مجموعتنا ولن أرضى من المنتخب بلاعبيه ومدربيه وإدارييه أي كلام هارب من تحمّل المسؤولية ولن أرضى بأقل من المنافسة على إحدى بطاقتي المجموعة، فإن عجز منتخبنا عن فعل ذلك، أنظر إلى أدائه فإن أقنعني فلا مشكلة كبيرة بالخروج وإن لم يفعل فعليه أن يضع نفسه تحت المساءلة..


هذا الكلام هو معيار تعاملنا مع المنتخب الوطني في كأس آسيا القادمة ولكن قبل ذلك أستدرك فأقول: حتى نطلب منه ذلك علينا أن نوفّر له الظروف المناسبة للتحضير، ولأن المال ليس مشكلة من وجهة نظري ومن السهل توفير هذا المال فإن هذه الظروف يجب أن تحضر والذاكرة القريبة تقول: عندما قررنا نقل مباريات كأس العالم حضر المال، وعندما نقرر دعم منتخبنا الوطني يحضر المال بعيداً عن الطروحات العاطفية التي كنّا نتسلق عليها سابقاً مثل »مشروع الليرة« وغير ذلك..


أنا وأي مواطن سوري يفاخر بمنتخبه ويترقبّه عندما تحين المواعيد الكبرى، ولكن وقبل هذه المواعيد علينا أن نفاخر بما قدّم لهذا المنتخب لننظّم منذ الآن الرحلات إلى الدوحة من أجل تشجيع المنتخب..


تحدثت عن اعتذار بعض اللاعبين عن المنتخب الوطني وعن ضرورة دعمه مادياً لثقتي بأن المنتخب الوطني هو قضية بلد بأكملها وعندما يكون الخلل هنا أو هناك فإن الجميع سيشترك بدفع الفاتورة لذلك أتطلع إلى يوم يكون التسابق فيه لارتداء قميص المنتخب الوطني كبيراً ويكون التسابق فيه لدعم مسيرة المنتخب قوياً وأن يزعل من لا يجد فرصة لتقديم الدعم المادي أو المعنوي لهذا المنتخب متذكراً حقبة الثمانينيات عندما كانت كرتنا بألف خير كيف كان أستاذنا المرحوم عدنان بوظو يقول أثناء التعليق وبعد كل هدف لمنتخبنا: اتصل بنا السيد فلان الفلاني صاحب شركة كذا ويعلن تقديمه لمبلغ كذا لصاحب الهدف ومبلغ كذا لكل لاعب في حالة الفوز..


الآن يدفع الداعمون مبالغ كبيرة للاعبي هذا النادي أو ذاك من أجل البقاء بالدرجة الأولى ولا يلقون على المنتخب الوطني أي نظرة فما الذي تبدّل؟