يَمُرُّ غَيْركَ فِيهَا وهو مُحْتضرُ |
لا برق يخطف عينيه ولا مطر |
وأنت.. لا أسألُ التاريخ عن هرمٍ |
في ظلِّه قمم التاريخ تنتظر |
عن عاشق في الذُّرى.. |
لم تكتمل أبداً |
إلا على صدره الآيات والسور |
عن الذي كان عصرا شامخا |
ويداً تشد عصرا اليها |
وهو ينحدر |
يمر غيرك |
بعض العابريت على بطونهم |
يثقلون الأرض إن عبروا |
كمثل من أبصرت عيناك |
ثم نأت عيناك عنهم |
فلا غابوا.. ولا حضروا |
وبعضهم أنت تدري |
ان شعرك لو لم يلق ضوءاً |
على أيامهم غبروا |
كانوا ملوكا على أرض ممزقة |
يجوع فوق ثراها النبت والبشر |
كانوا ملوكا مماليكا |
وأعظمهم تحت السموات |
من في ظلك استتروا |
*** |
ورحت تنفخ فيهم منك |
ترفعهم ، فيسقط البعض |
أو تبنى ..فينكسر |
أردت تخلق أبطالاً ، تعيد بهم |
عصر النبوة والرؤيا ، فما قدروا |
هتفت : ياعمر |
مكتوب لك العمر |
وليس ينقص فيك الجهد والسهر |
وإنما تنقص الاعمار في وطن |
يغتاله القهر، أو يغتاله الخطر |
وقلت.. |
والشاهدان ، اللّيل والسفر |
وشعلة في مدار الكون تستعر |
هذي الطيور التي احمرت مخالبها |
فوق الصخور لنا |
ولتستح الحفر |
وسرت غضبان في التاريخ |
لا عنق إلا ومنك على طياته أثر |
تصفو ، وتجفو |
وتستعلي ، وتبتدر |
وتستفز ، وتستثنى ، وتحتقر |
هذا زمانك |
لا هذا زمانُهم |
فأنت معنى وُجُودٍ ليس ينحصر |
في كل أرض وطئتها أمم |
تُرعى بعيدٍ كأنها غنم |
"وإنما الناس بالمملوك |
وما تصلح عرب ملوكها عجم"* |
وتكفهر على مرآتك الصُّوَرُ |
أتعقم الأرض؟ هذي الأم |
أيُ دجى هذا الذي في عُيون الناس ينتشر |
وينحني شجر الأيام |
والغضب القدسي يغدُو انكسارات |
وينحسر |
*** |
فلتسمع النُصُبُ الجوفاء والأُطُرُ |
هذى الأغاني البواكي في فمي نذر |
إذا تساقط في أيامهم علمُُ |
فإن أعلام من يأتي ستنتصر |
وإن يخن خائن فالارض واحدة |
برغم من خان .. والآلام مُخْتبرُ |
*** |
وقلت بغداد |
يا بغدادُ أيُّ فتى كان الفتَى |
وهو في عينيك يزدهر |
أنت التي اخترته للعشق |
كان إذا رآكِ في لهب الأحداث |
ينفجر |
ويحرث الأرض كالمجنون |
يحرثها براحتين هما الإحباط والظفر |
أقل مجدك أن الفاتحين وقد |
جاءوا غُزاةًَ على أبوابك انكسروا |
وبعض مجدي ، أنَّ الكون لي فلكُُ |
شعري وأنت عليه : الشمس والقمر |
بغدادُ.. أشامتُ مشدوداً إليك |
ويا شام الهوى أنا في العاقُول أنتظر |
وما حدائق كافور القديم |
سوى تلك الثمار التي حُمِّلتها الثَّمرُ |
** |
الله.. يا كم تغرّبنا |
وكم بلغت منا الهموم |
كما لم يبلغ الكبر |
فإن أكُن أمس قد غازلت أُمنيةً |
حيث استوى الصمتُ |
أو حيث استوى الضّجر |
فالمجد أعظم ايقاعاً |
وَربَّ دمٍ يمشي حزيناً |
ويمشي إثرهُ القَدَرُ |
_________ |
*البيت للمتنبي |